الأحد، 11 مايو 2014

خطبة أبي بكر ( اولي ثانوي )

خطبة أبي بكر

  أبو بكر الصديق -  - هو عبد اللّه بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي . سمي أبا بكر على لسان رسول اللّه - - صديقاً ، وسبب تسميته أنه بادر إلى تصديق رسول اللّه - - ولازم الصدق فلم تقع منه هنات ولا كذبة في حال من الأحوال .
ولد أبو بكر سنة 573 م بعد عام الفيل بثلاث سنين تقريباً ، وكان -  - صديقا لرسول اللّه - - قبل البعث وهو أصغر منه سنا بثلاث سنوات .. هو أول خليفة في الإسلام ، وأول أمير أرسل على الحج ، حج بالناس سنة تسع هجرية ، وأول من جمع القرآن ، وأول من سمى مصحف القرآن مصحفاً ، وكان يفتي الناس في زمان رسول اللّه  - -  أبو بكر وعمر .
توفي أبو بكر-  - يوم الاثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ - 23 أغسطس سنة 634 ، وله 63 سنة كرسول اللّه  - -  وعمر بن الخطاب .
   جو النص :
بعد وفاة الرسول اجتمع الأنصار وبعض المهاجرين في سقيفة بني ساعدة ؛ لاختيار خليفة للمسلمين وانتهى الاجتماع على اختيار أبي بكر الصديق خليفة للمسلمين ، وتمت البيعة له تحت تلك السقيفة ، ثم اجتمع المسلمون في المسجد فألقى فيهم هذه الخطبة الموجزة وهي أول خُطبة ألقاها أبو بكر -  - عنه بعد تولّيه الخلافة وهي على اختصارها تضع أعظم أساس للعلاقة بين الحاكم والرعية .
 الخطبة
قال -  - بعد حمد الله والثناء عليه : [أمَّا بعد أيُّها النَّاس، فإنِّي قَدْ وُُلِّيْتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ ، فإِنْ أحْسَنْتُ فأَعِيْنونِي ، وإنْ أسأْتُ فقوِّموني ، الصِّدقُ أمانةٌ ، والكذبُ خيانةٌ ، والضَّعيف فيكُم قوِيّ عندي حتى أُُريحَ عليه حقَّه - إنْ شاء الُله ، والقويّ فيكم ضعيفٌ عندي حتَّى آخذ الحقَّ منه - إن شاء الله . لا يدع أحدٌ منكم الجهاد في سبيل الله ، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذُّلِّ .. ، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمَّهم الله بالبلاء . أَطِيعُونِي مَا أطَعْتُ اللهَ ورسوله ، فإنْ عصيتُ الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ..] .
---------------------   
   اللغويات :
* وُلِّيت عَلَيْكُمْ : صرت والياً عليكم                             - فأَعِيْنونِي : ساعدوني
- فقوِّموني : أصلحوني                                             - أريحَ عليه حقَّه : أرده له
- لا يدع أحدٌ : لا يترك (وفعله الماضي ودع)                     - الجهاد : النِّضَال‏
- في سبيل الله : أي من أجل نصرة الدين                       - ضربهم الله : أصابهم
- بالذُّل : الهَوَان ، الخِزْي                                          - تشيع : تنتشر × تنحسر
- الفاحشة : الأمور القبيحة من الفعل و القول                 - عمَّهم : شملهم
- بالبلاء : بالشدة و المحن                       - ما أطعت الله ورسوله : أي زمن طاعتي لهم
- عصيت : خالفت .
----------------------------   
 الشرح :               * بدأ الصديق -  -  خطبته قائلاً :
أيها الناس : لقد اخترتموني خليفة وقائداً لكم ، ولست بخيركم (تواضع عظيم) ، فإن رأيتموني أسير على طريق الحق فساعدوني وساندوني ، وإن رأيتموني أتّبع الهوى وانحرفت عن طريق الحق فعليكم بإصلاحي وإرجاعي إلى الحق ، فالحق أحق بأن يُتّبع (ما سبق يسمى ديمقراطية الحكم عن طريق إشراك الرعيّة في تقويم الحاكم) ، ثم يواصل قائلاً : عليكم بالصدق في كل نصيحة أو رأي ؛ فالصدق أمانة سيحاسبكم الله عليه ، والكذب أمام الحاكم - لأغراض في النفس - خيانة وشر سيعاقب الله عليه بشدة ... ثم يعلن أن مبدأ المساواة والعدالة هو شعار دولته فلا يوجد معه إنسان قوي بماله و آخر ضعيف بفقره فالكل سيأخذ حقه بإذن الله .. ثم يبين أن الجهاد في سبيل إعلاء راية الدين واجب على كل قادر ؛ لأن فيه حماية للدولة الإسلامية الناشئة ، فالأمة التي تترك الجهاد و تتخلى عنه يبتليها الله بالمذلة والهوان والفتن وتصبح أمة ضعيفة مهانة  .. ثم يختتم خطبته بالتأكيد على أن طاعة المؤمنين له مشروطة بطاعته لشريعة الله ورسوله .
-------------- 
س1 : ما أهمية هذه الخطبة ؟
جـ 1: ترجع أهمية هذه الخطبة ؛ لأنها كانت أول خطبة بعد وفاة الرسول -  -  ، كما انه بين في هذه الخطبة أسس خلافته ، ودستوره ومنهجه في الحكم الذي يقوم على العدل والحزم و الديمقراطية .
س2: للقرآن الكريم والحديث أثر واضح في تلك الخطبة . اشرح ذلك .
جـ2 : بالفعل فلقد تأثر بالمعجم القرآني في مثل : (الصدق  -  الأمانة  -  الحق  -  إن شاء الله  -  طاعة الله ورسوله)(وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (الشعراء :84) (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ..) (الكهف23 - 24)
كما تأثر بالحديث الشريف وألفاظه في قوله :[ أَطيعوني ما أَطعْت الله ورسوله، فإنْ عصيتُ الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم..] فهو مقتبس من قول الرسول -  -  : " لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ" فالروح الإسلامية تشيع في هذه الخطبة .
س3 : ما مقومات الحاكم السليم كما رسمها أبو بكر الصديق -  -  في خطبته ؟
أو تدل الخطبة على شخصية الصديق . وضح .
جـ 3: مقومات الحاكم السليم كما رسمها أبو بكر الصديق -  - في خطبته : التواضع  -  العدل  -  الحزم  -  الديمقراطية [أمرهم شورى بينهم] - أن يكون حريصاً على تطبيق الشريعة الإسلامية  -  عدم ترك الجهاد .
س 4: ما واجب الرعية تجاه الحاكم ؟
جـ 4: واجب الرعية تجاه الحاكم أن يعاونوه ويساندوه ويطيعونه إن كان على حقًّ ، فإن انحرف عن الحق وحاد (ابتعد) عنه فعلى الرعية أن تنصحه وتبين له وجه الصواب .
س 5: ما عقاب من يتركون فريضة الجهاد في سبيل الله ؟
جـ 5: عقاب من يتركون فريضة الجهاد في سبيل الله أن يصبحوا أذلاء ضعفاء يطمع فيهم الأعداء .
----------------------  
 التذوق :
 (أيُّها النَّاس) : نداء للتنبيه حُذِفت أداته للتنبيه .
 (فإنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ) : أسلوب مؤكد بمؤكدين (إن + قد والفعل الماضي)
 (وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ) : بني الفعل للمجهول للعلم بالفاعل ، وهو المسلمون الذين بايعوا الصديق .
 (وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ) : تعبير يدل على شدة تواضع وسمو أخلاق الصديق و التعبير من باب الهضْم والتواضع ، فإنهم مجمعون على أنه أفضلهم ، وخيرهم رضي الله عنهم ، وهو تعبير مؤكد بحرف الجر الزائد الباء في (بِخَيْرِكُمْ) .
 (فإِنْ أحْسَنْتُ فأَعِيْنونِي ، وإنْ أسأْتُ فقوِّموني) : أسلوبا شرط يوضحان حق الحاكم على الرعية ، فإن أحسن فالمساعدة له واجبة عليهم ، وإن أساء وأخطأ فعليهم بإرشاده إلى الحق والصواب .
 (فإِنْ أحْسَنْتُ فأَعِيْنونِي ، وإنْ أسأْتُ فقوِّموني) : بين العبارتين مقابلة ، وسجع يعطي جرساً موسيقياً
 (الصِّدقُ أمانةٌ ، والكذبُ خيانةٌ) : سجع ، ومقابلة توضح روعة الصدق و بشاعة الكذب .
 (والضَّعيف فيكُم قوِيّ عندي حتى أُُريحَ عليه حقَّه إنْ شاء الُله ، والقويّ فيكم ضعيفٌ عندي حتَّى آخذ الحقَّ منه إن شاء الله) : كناية عن المساواة التامة بين الناس ، وبينهما مقابلة توضح المعنى بالتضاد
 (أُُريحَ عليه حقَّه) : استعارة مكنية ،  تصور الحق الضائع كأنه إنسان قلق حائر ، فإذا ما عاد إلى صاحبه هدأ واستقر ، وهي صورة توحي بأثر العدل في استقرار الأمور .
 (لا يدع أحدٌ منكم الجهاد في سبيل الله) : أسلوب إنشائي / نهي غرضه : التحذير من ترك الجهاد .
 (أحدٌ) : نكرة للعموم .
 (فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذُّلِّ) : في العبارة مواطن جمال عديدة منها :
1 -  أنها تعليل لما قبلها .
2 -  أسلوب مؤكد بمؤكدين (إن + أسلوب القصر بـ لا و إلا) .
3 -  وفيها استعارة مكنية ،  تصور الذل سلاحاً يُضْرب به كل من ترك الجهاد في سبيل الله ، وسر جمال الصورة التجسيم .
 (قوم) : نكرة للعموم والشمول .
 (ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمَّهم الله بالبلاء) : أسلوب القصر بـ (لا و إلا) يؤكد على أن المحن والمصائب لا تنتشر إلا عندما تشيع الرذائل بين الناس .
 (تشيع) : تعبير يوحي بانتشار الفساد وتفشِّيه .
 (أَطيعوني ما أَطعْت الله ورسوله) : أسلوب إنشائي / أمر : غرضه النصح و الحث
 (فإنْ عصيتُ الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم) : أسلوب إنشائي / أمر : غرضه النصح و الحث ، و (إن) هنا تفيد الشك في أن يعصى الصديق الله أو رسوله  .
 (أَطيعوني ما أَطعْت الله ورسوله ، فإنْ عصيتُ الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم) : مقابلة جميلة توضح أن طاعة الحاكم مرهونة بطاعة الله ورسوله .
س : علام يدل قول أبي بكر -  -  : " وليت عليكم ولست بخيركم " ؟
جـ : يدل على التواضع الشديد والأدب الجم والعدالة المنتظرة منه .
 التعليق :        س1 : بِمَ تميز أسلوب تلك الخطبة ؟
جـ 1: تميز أسلوب تلك الخطبة بـ :
1  -  الإيجاز والتركيز مع الوضوح وسهولة اللفظ.
2  -  التأثر بمعاني وأساليب القرآن الكريم و الحديث الشريف .
3  -  ملائمة الأسلوب لمستوى السامعين ، والتنويع بين الخبر و الإنشاء .
4  -  قلة الخيال ؛ لاعتماد الخطبة على الإقناع العقلي .
5 -  الجمال الموسيقي المتمثل في اختيار الفظة الدقيقة في موضعها ، و السجع غير المتكلف ، والجناس .
6  -  تأكيد المعنى بأساليب التوكيد المختلفة .
س2 : ما نوع خطبة الصديق -  - ؟ ولماذا ؟
جـ 2: خطبة الصديق سياسية دينية ؛ لأنها أوضحت منهج ودستور الخليفة في الحكم .
س3 : قامت كثير من عبارات أبي بكر -  - على الموازنة .. وضح ذلك .
جـ 3: بالفعل قامت كثير من عبارات أبي بكر على الموازنة مثل :
(فإِنْ أحْسَنْتُ فأَعِيْنونِي) و (وإنْ أسأْتُ فقوِّموني).
(والقويّ فيكم ضعيفٌ عندي) و (والضَّعيف فيكُم قوِيّ عندي) .
(أَطيعوني ما أَطعْت الله ورسوله) و (فإنْ عصيتُ الله ..) وكل هذه الموازنات السابقة ؛ ليبرهن على أن دستوره ومنهجه في الحكم قائم على العدل والديمقراطية .
س4 : ما المبادئ السامية التي اشتملت عليها خطبة الصديق ؟ وما أثر العمل بها في حياة الشعوب والحكام ؟
---------------------------     
 أسئلة للمناقشة :
س1 : يؤسِّس أبو بكر -  - في هذه الخطبة مبدأ هامّاً من أسس الحكم . فما هو ؟ وكيف دعا إليه ؟
س2 : مَنِ القوي ؟ ومَنِ الضعيف عند أبي بكر ؟ ولماذا ؟
س3 : (إنَّما الطاعةُ في المعروف) التقط من الخطبة ما يتوافق مع هذه القاعدة الإسلامية الجليلة .
س4 : " لست بخيركم – إن شاء الله " علام يدل هذان التعبيران ؟
س5 : التقط من الخطبة ما يدل على أن كل واجب يقابله حق .
---------------------------             
" فإني قد وليت عليكم ، ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوموني ، الصدق أمانة والكذب خيانة ، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله "
(أ) - على ضوء فهمك معاني الكلمات في سياقها تخير الإجابة الصحيحة مما بين القوسين فيما يلي :
       - المراد من ( قوموني ) : ( ساعدوني - أصلحوني - أعينوني - واجهوني ) .
        - وليت عليكم : تعبير يدل على : ( القناعة - الاعتزاز - الرضا -  التواضع) .
        - " أريح عليه حقه " خيال نوعه : ( كناية - تشبيه - مجاز مرسل - استعارة )  .
        - إن : في الفقرة تفيد ( الافتراض - الشك - اليقين - الثبوت) .
(ب) - اشتملت الخطبة على منهج الخلافة ودستور الحكم - اذكر المبادئ السياسية التي اشتملت عليها .
(جـ) - استخرج من الفقرة صورة خيالية ، وبين سر جمالها ومحسنا بديعيا واذكر أثره في المعنى .

(د) - أبو بكر متبع وليس بمبتدع - اذكر مما تحفظ من الخطبة ما يدل على ذلك .

هناك تعليق واحد: